الحضور الثقافي والأدبي لعبيد الأندلس
No Thumbnail Available
Date
2024
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
جامعة عباس لغرور خنشلة كلية الاداب واللغات
Abstract
الملخص:
يعتبر نظام الرق من أبرز الأنظمة الاجتماعية التي ميزت العصر الوسيط، ولا نجد
أي مجتمع من مجتمعات ذلك العصر قد تخطى هذا التصنيف، وعليه رتب البشر حسب
الوضعية القانونية بين أحرار وعبيد، وطبقة العبيد رمي أفرادها في حيز هامشي فرضته
عليهم الذهنية الاجتماعية، ومن بين فئات طبقة الرقيق نجد فئتي الجواري والغلمان واللتان
مثلتا شريحة مهمة على مستوى الخارطة الاجتماعية للمجتمع الأندلسي، ولهذا كان لابد من
معالجة هذا الموضوع في قالب تاريخي اجتماعي، ومحاولة تفكيك إشكالية لطالما شغلت
ذهن المهتمين بدراسة الفئات المهشمة، والمتمثلة في الغاية من اتخاذ الجواري والغلمان، لا
سيما في المجتمع الأندلسي والذي فسره البعض على أنه أزمة أخلاقية، في حين نظر إليه
آخرون على أنه مرحلة حتمية من مراحل التاريخ الإنساني عامة، والأندلسي خاصة.
إن نظرة المجتمع لفئة الجواري والغلمان كانت في كثير من الأحيان وليدة القوانين
الوضعية، والتي رفضت بأي شكل من الأشكال أن يتساوى الحر مع العبد، وهو ما ترسخ
في مخيلة الأحرار تجاه العبيد فراحوا يعاملون الرقيق معاملة خاصة، فكان ضربهم وشتمهم
من الأمور العادية.
إن تفاعل فئة الجواري والغلمان مع مختلف فئات المجتمع الأخرى أفرزت شبكة من
العلاقات التي أماطت اللثام ولو جزئيا عن الغاية من اتخاذ هذين العنصرين، واللذين كان
أثرهما واضحا في مختلف مجالات التاريخ الأندلسي، ففي المجال الاجتماعي ارتبطت
الجواري بصفة خاصة بعلاقات أسرية مع الرجل الأندلسي والذي فضل في كثير من
الأحيان الجارية على الحرة، وهذا راجع لعدة أسباب من أهمها سهولة الحصول على
الجواري، ولا يختلف حضور الغلمان في هذا المجال كثيرا عن حضور الجواري حيث
اتخذ الغلمان في بعض الأحيان كما تتخذ الجواري.
إن التنشئة الاجتماعية التي تلقاها الجواري والغلمان خلال مسارهم كانت كفيلة بان
تحدد مكانتهم الطبقية والتي تجاذبت أطرافها بين العلية والرديء من الناس، فمنهم من
استخدم للمتعة، ومنهم من اتخذ للذة، وكان سوق الرقيق كان يعج بأنواع وأجناس شتى من
الجواري والغلمان، وتداول تجارتهم العديد من النخاسين وتجار الرقيق، حيث تدخل الأطباء
والأمينات لمعاينة الجواري والغلمان قبل بيعهم، بحيث كان يتم تقليبهم كما تقلب أي سلعة
أخرى، وقد تعرضوا للغش والتدليس بتغيير أشكالهم وألوانهم، وتسمين أعضائهم وأبدانهم.